الامر لا يتعلق بالوزير القواتي و امثاله ممن يريدون إذلال اللاجئ الفلسطيني .
المسألة تتعدى موقف هذا او ذاك او تعنت من هنا و هناك ، انها اكبر من
ذلك بكثير . لقد اخطأنا عندما صببنا جام غضبنا على كميل ابو سليمان ، فلقد
اعطيناه اكثر مما يستحق ، و حملناه من بقعة الظل الى دائرة الضوء ، و من
الهامشية الى الصدارة ، و من رجل مغمور بلا قيمة حقيقة الى صاحب قرار .
كان يجب ان نسلط الضوء على المشروع لا على منفذيه ، على المخطط
الذي يراد الوصول اليه و هو التسليم من قبل اللاجئ الفلسطيني باي حل .
و اجباره على التخلي عن حق العودة و استعادة الوطن السليب ، الى
القبول بالوطن البديل ، و اذابة الشخصية الفلسطينية التي استعصت على
المحتل و على الفكر اليهودي منذ كتابة العهد القديم و الى يومنا هذا .
ان الذين يضيقون على اللاجئ و يتصدرون المشهد البشع ليسوا سوى وكلاء
و ادوات لتنفيذ المخططات الصهيونية - الماسونية لتصفية قضية الشعب الفلسطيني
و جعل كيان الاحتلال كيانا شرعيا ! ان الادوات التي تعمل بكل امكاناتها المادية
و الدعائية و المعنوية كثيرة و متعددة الاعراق و الاجناس ، و لكن أسوأهم
و أنشطهم و أشدهم استعدادا لتنفيذ المآرب الصهيونية هم صهاينة العرب ، بل
و البعض الفلسطيني ! فمنهم من يقوم بالتضييق و الحصار و منهم من يقدم
الدعم المادي و الاعلامي ، و قد كشف كل اؤلئك المتصهينيين عن حقيقتهم
و خبثهم و ارتباطاتهم خلال السنوات القليلة الماضية حتى بدا المشهد واضحا
لكل من يريد ان يرى و يسمع و يتفكر و لم يعد امرهم خافيا الا على " العميان"
الذين ينتشرون كالجراد في كل بلادنا من المحيط الى الخليج . فليس من الضرورة
في هذه الايام البحث عن الخائن ، فالخائن بكل وقاحة يفتخر بخيانته و اتصاله
مع العدو . بل انهم يتسابقون لنيل رضى الصهيوني جهرا و على رؤوس الاشهاد!
فنحن نرى و نسمع و على الشاشات العربية من يشكك بنضال الشعب الفلسطيني
و يطعن بمقاومته ، بل و ينكر اي حق للشعب الفلسطيني ، و يعتبر كيان الاحتلال
كيان شرعي غير عدواني و انه يدافع عن وجوده المهدد من قبل الفلسطينيين .
و تقدم الدول العربية الغنية دعمها المادي غير المحدود لدولة الاحتلال ، بشكل
مباشر او من خلال امريكا او عبر ضخ الغاز مجانا و شبه مجانا او بالتسهيلات
للبضائع او بمرور السفن . فيما يتعرض الفلسطيني للمضايقات و منع الدخول
لمعظم البلاد العربيه و اقفال ابواب العمل و التجارة في وجهه ! انها حلقات
يكمل بعضها البعض الاخر . فالتضييق على اللاجئ الفلسطيني في لبنان يأتي
في هذا السياق و هو حلقة من تلك الحلقات ، و الذين يضيقون و ينالون من لقمة
عيشه يقومون بدورهم الطبيعي كادوات تنفذ المشاريع التصفوية ، انها وظيفتهم
التي ينالون عليها اجرهم من قبل الصهاينة و الامريكان و اذنابهم العرب .
المسألة الاهم هي كيفية المواجهة ، و القوى التي ستواجه . و السؤال هل يترك
اللاجئ الفلسطيني يواجه هذا المشروع بمفرده و بعفوية ام ان القوى الاسلامية
و الوطنية و الديمقراطية و المؤسسات الاهلية و الهيئات المدافعة عن حقوق
الانسان في لبنان و في الوطن العربي و في كل انحاء العالم ستقف مع اللاجئ
ضد هذا الظلم و في مواجهة مشاريع التركيع و التصفية ؟ من البديهي القول
بان اللاجئ الفلسطيني لن يستسلم و لن يركع و لن يتخلى عن وطنه و عن حقوقه
مهما كانت التضحيات و مهما طال الزمن بل و مهما كانت النتائج . ان الفلسطيني
لن يتخلى عن وطنه المقدس و سيواجه صفقة القرن حتى لو وقف كل من على
سطح الارض ضده ، هذا امر مفروغ منه و يعرفه الصهاينة اليهود و صهاينة العرب
و يعرفه كل من يحالف و يساند و يعمل وكيلا للعدو ، و يعرفه كل من يقدم خدماته
و امواله و شرفه للعدو . و لكن ماذا عنكم ايها المخلصون . انتم ايها الاخوة
اللبنانيون ، الذين عهدناكم اهل نخوة ووطنية و مواقف مشرفة ، هل يرضيكم
هذا الضيم الذي يلحق باخوانكم ابناء المخيمات ، هل ترضيكم العنصرية التي
تعلن في كل مناسبة و التي تعتبر الفلسطيني اجنبيا و دخيلا و غير مرغوب فيه؟
انتم الشرفاء العروبيون من كل الطوائف و الاحزاب من عكار الى البقاع
و من جبل لبنان الى الشوف و من بيروت الى الجنوب نسألكم : هل من المنطقي
ان يترك اؤلئك الانعزاليون ينتقمون من اللاجئ الفلسطيني و يمارسون عليه
ساديتهم و كراهيتهم . لقد كنا منذ الفتح الاسلامي و الى الربع الاول من القرن
الماضي شعب واحد و بلد واحد ، لم يفرق بيننا سوى الاستعمار و ادواته .
ان خنق الفلسطيني بتلك القرارات العنصرية هي اهانة لهذا البلد الشقيق و العزيز
الذي كان و لا يزال و سيبقى بلد المحبة و التعايش و احترام انسانية الانسان
و المحافظة على كرامته . ان مواجهة العنصرية لا ينبغي ان تنحصر باللاجئ
الفلسطيني ، و بالمواقف التي لا تؤدي لتغيير القرارات . ان اللاجئ
الفلسطيني في لبنان يأمل بالمزيد منكم و بوقفات تضامنية اكبر ، لان الحراك
في المخيمات دون دعمكم و مشاركاتكم الواسعة لن تجدي نفعا مع اؤلئك العنصريين
الساديين . لقد رأينا مواقف مشرفة من الاشقاء اللبنانيين و هذه ليست غريبة
على اهل لبنان الحبيب . لكن المطلوب اكبر من هذا ، لان المشروع اكبر بكثير
من قرارات وزير و من تصريحات افراد ، و المستهدف ليس الفلسطيني بمفرده
بل الامة العربية و الاسلامية .