الكتابة في موضوع الفوضى الإعلامية في المخيمات أو في الساحة الفلسطينية في لبنان لا يُريح الكثيرين، فالكتابة عن هذه الفوضى تجعلك بين خيارين: إما أن تكتب بقصد التنبيه وتجاوز الأخطاء "القاتلة"، أو تخضع للسائد في "لعبة العلاقات العامة" التي أفرزت "طبقة" من الاعلاميين "المدعومين" ذوي القدرات البسيطة، لكنها في الإطار المهني "قاتلة" وغير مهنية!!
ومن المتعارف عليه وجود نظرية لعلماء أمريكيين تُدعى "النوافذ المحطمة"، تقوم هذه النظرية على أساس أن الإنسان ترك نافذة زجاجية محطمة ببيت في شارع دون إصلاحها، فستبدأ نوافذ أخرى تتحطم في الشارع، ثم في المنطقة ثم في الحي وهكذا.. وكتب الصحفي المصري "فتحي الشيخ" حول هذا الموضوع مبيّنًا "أن الأخطاء الصغيرة تتحول مع الوقت إلى كوارث كبيرة إذا لم نتوقف عندها أولا بأول لتصحيحها، وهكذا الحال مع الأخطاء الصغيرة في صياغة الخبر الصحفي، لأن الخطأ الصغير بتحرير خبر صحفي يمكن ألا يمنع القارئ من متابعة الخبر في نافذة إعلامية، ولكن تكرار هذه الأخطاء مع الوقت سيقف بالتأكيد عائقا يصد القارئ عن متابعة هذه النافذة الإعلامية بشكل كامل، ولهذا التعامل مع هذه الأخطاء الصغيرة الخاصة بالصياغة أولا بأول"..
المعروف أن هناك أخطاء يقع فيها الصحفيون يعترف الجميع أنها أخطاء محرجة، لكنها تبتعد عن موضوعنا الذي سنتطرق إليه. فمن الأخطاء المحرجة أن "صحيفة أمريكية نشرت عام 1875 خبرًا خاطئا عن وفاة الأديب الفرنسي "فيكتور هوغو". وبعد 10 سنوات مات هوغو فعلًا فكتبت الصحيفة بالبنط العريض: نحن أول من سبق إلى إعلان وفاة هوغو".
ويروي الكاتب المصري "أحمد رجب" في مذكراته هذه القصة الطريفة: "كانت "حكمت أبو زيد" وزيرة للشؤون الاجتماعية في مصر. وأثناء جولة لها في محافظة كفر الشيخ نشرت إحدى الصحف خبر تفقّدها للمحافظة تحت هذا العنوان:
"حكمت أبو زيد (تتبول) في كفر الشيخ"
وبالطبع كان المقصود (تتجول) ولكن الخطأ كان فادحاً بحيث رفعت الوزيرة قضية على الصحيفة!
ما أوردته نموذجين يوجد غيرهما الكثير في عالم الأخطاء المحرجة في الصحافة، ولكن سأورد بعض الأخطاء القاتلة في ما يتناوله "إعلام العلاقات" في المخيمات الفلسطينية دون ذكر أسماء للصحفيين والمواقع الاعلامية:
* عنوان رئيس في موقع متابع: ماذا عن المتسولون؟ (الصحيح: المتسولين). وللأمانة تم لاحقًا تصحيح واحدة من "المتسولين" وترك الثانية كما هي "المتسولون"!!
ومما ورد في الموضوع (لا أعرف في أي خانة أصنّفه؟!!): "..روتين يومي تراه على اشارات السير في مدينة.." (الخطأ: على اشارات، والصواب: عند إشارات). وأيضًا ورد: هم مجرد معدات عمل لجشعين المال"... (الصواب: لجشعي المال).
* أما لناحية الصياغة فأورد النص كما هو دون تدخّل وأترك للقارئ أن يكتشف ما فيها: "ظاهرة تسول الاطفال تتعدى الحاجة الى مكافحتها ازعاج المارة بل الواجب بمكافحتها استغلال الاطفال وقتل مستقبلهم وحلمهم واملهم وانتظار تحول مستقبلهم الى مجرمين وكل هذا من اجل ان يثرى بعض المجرمين ؟". انتهى
* وورد خبر أيضًا: وفاة الطفلة ت م اثر سقوطها من شرفة المنزل في منطقة الهبة ما استدعى نقلها إلى المستشفى".. (وفاة واستدعى؟!!)
* وأحدهم يكتب مقالًا فيه ما فيه من أخطاء في الصياغة، لكن اللافت فيه ورود "واليوم وبعد أكثر من سبعون عاماً..". (الصواب: سبعين)
* أحدهم يضع (الدال) قبل اسمه ـ في الحقيقة لا أعرف من أين حصل عليها فجأة؟!!!ـ، ما يهمنا أنه كتب عنوان تقرير لكن في المتن الموجود مقابلة؟!!
* أحدهم من حرصه على أحد المخيمات الذي كان فيه "اشتباك بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، يحذر من نقل الأخبار بشكل عشوائي.. يساهم بتوتير الوضع أكثر وتخويف الناس وإرعابهم".. (اشتباكات وتوتير الناس وتخويفهم؟!!)
* وفي خبر منشور على موقع فلسطيني ورد فيه أخطاء عديدة: "إلتقت اللجان الشعبية.... وفد (الصحيح وفدًا)... التنفيدي (الصحيح التنفيذي)، وورد: رحب ممثلي (الصحيح ممثلو)... وورد أيضًا "التي يعاني منها اللاجئين.." (الصحيح: اللاجئون). وورد "تقاعص" (الصحيح: تقاعس). أما ما ورد نصًا: "تقاعص الأونروا عن القيام بدورها القانوني" (في الحقيقة لم أفهم مغزاه).. وورد: "أخد"، (والصحيح: أخذ)
* وفي مقال منشور في موقع جنوبي ورد: "و يلاصق مخيمَ عين الحلوة "مخيمُ المية مية" الذي يعتبر امتدادا له". (الصحيح: أن مخيم عين الحلوة لا يلاصق مخيم المية ومية، ولا يعتبر امتدادًا له، فمن أين جاءت هذه المعلومات؟!!). وفيه أخطاء أخرى..
في الختام، مع الطفرة والوفرة في الحصول على موقع إعلامي، من المهم تحديد التوصيفات بشكل دقيق، ومراجعة المادة قبل نشرها، وإن كان مرسلها يضع قبل اسمه الدال وصفات ما أنزل الله بها من سلطان تكشف عند قراءة الإنسان بمهنية أن الكثير من المواد المنشورة لو روجعت فعلًا نجد أنها لا تستحق النشر.
ولنا وقفات أخرى..