بقلم د. وسيم وني/ مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث في لبنان
لم يكتفي العدو الصهيوني بممارساته الغير أخلاقية تجاه أرضنا وشعبنا في فلسطين بل تجاوز ذلك علناً إلى أطفالنا ، حيث شهدت السنوات الماضية تزايداً في عدد الأطفال المعتقلين وما يتعرضون له من أبشع أساليب التعذيب والقمع في السجون الإسرائيلية بدون أي تحرك أو عقاب دولي من جانب الأمم المتحدة خاصة والمجتمع الدولي عامة الأمر الذي يشجع العدو الإسرائيلي على هذه الإنتهاكات والتي تصل لجرائم حرب وتعد انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي وحتى الإنساني ، فتلك المجازر تمّ - ويتم- التخطيط لها من قبل المؤسسات الصهيونية بشقيها السياسي والعسكري، وليست كما يروج لها العدو الإسرائيلي بأنها مجرد ردة فعل إسرائيلية، بل إنها جزء لا يتجزء من العقيدة والعقلية التي يحملها العدو الإسرائيلي ضد شعبنا بكافة مكوناته .
ففي تقرير تم تقديمه إلى محققي الأمم المتحدة من قِبل الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين وكلية الحقوق بجامعة نيويورك تناول هذا التقرير بالتفصيل عمليات القتل المتعمد التي يقوم بها العدو الإسرائيلي وقطعان المستوطنين للأطفال في فلسطين المحتلة وخاصة أثناء المسيرات السلمية سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية ، والإعتداءات البربرية التي يمارسها قطعان المستوطنين من تدمير وحرق وآخرها حرق عائلة الدوابشة والطفل محمد أبو خضير و قتل العدو الاسرائيلي للطفل عبد الرؤوف صالحة الذي استشهد منذ أيام متأثرا بجراحه التي أصيب بها الجمعة الماضية شرق جباليا شمال قطاع غزة ،والكثير من الإعتداءات التي لا تعد ولا تحصى وترقى إلى جرائم حرب يحاسب عليها القانون الدولي.
ووفق هذا التقرير فإن عدد الأطفال التي طالتهم يد الغدر الإسرائيلية خلال العام الماضي تجاوز السبعة والخمسين طفلاً ولقطاع غزة النصيب الأكبر من هذه الجرائم التي بلغت خمسة وأربعين طفلاً وإثنى عشر طفل بين الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وإن المتابع لهذا التقرير على يقين تام بأن الكيان الصهيوني قد حطّم كل الأرقام القياسية في انتهاك كل القرارات الأممية، فلا يوجد قرار أممي لم تنتهكه إسرائيل من القتل العمد، الإبادة، الاسترقاق، النقل القسري للسكان، السجن، التعذيب، الفصل العنصري، الإخفاء القسري والإجهازعلى الجرحى مباشرة أو بمنع وصول سيارات الإسعاف والأطقم الطبية واستهدافها، والشواهد كثيرة، حيث يعاني الأسرى نساء وأطفالا، في سجون العدو الإسرائيلي تعذيبا جسديا ونفسيا دون توجيه أيّ تهمة محددة لهم ومنع العلاج عنهم ، وهناك العشرات من الأطفال الذين يقبعون في غياهب السجون الصهيونية بعد محاكمتهم وإصدار الأحكام العالية بحقهم وفرض غرامات مالية باهظة أيضا على عائلاتهم ، وتحت جنح الظلام يقوم جنود العدو باعتقال الأطفال وخطفهم من غرف نومهم تحت ذريعة التحقيق معهم ونقلهم إلى مراكز التحقيق والتوقيف لمدة يوم أو يومين وإبقائهم دون طعام أو شراب، علاوة على استخدام الضرب المبرح بحقهم، وتوجيه الشتائم والألفاظ البذيئة لهم التي تحط من كرامتهم الإنسانية، وتهديدهم وترهيبهم، وانتزاع اعترافاتهم تحت الضغط والتهديد .
هذا حال أطفالنا في فلسطين فهل ستحرك هذه السطور التي تنزف من ثناياها محنة يعيشها كل لحظة طفل فلسطيني أسير بين جدران السجن، وهل ستحرك ضمير العالم الذي يغض الطرف عن جرائم العدو الإسرائيلي فعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية تجاه أبنائنا وتطبيق الاتفاقيات الدولية على الجميع دون استثناء ، وإلزام الإحتلال ، بوقف اللجوء لاعتقال الأطفال، وتوفير الحماية للأطفال الأسرى، ومعاملتهم حسب القانون الدولي الإنساني واتفاقية حقوق الطفل .