وكالة القدس للأنباء - متابعة
كتب محمود زيات في صحيفة "الديار" انجاز أمني هام، يُضيفه الجيش اللبناني إلى سجله، في كشف شبكات التجسس الأمنية التي تديرها أجهزة الاستخبارات التابعة للعدو الصهيوني داخل لبنان، والتي نفذت على امتداد السنوات الماضية، لائحة طويلة من الاغتيالات استهدفت قياديين في "حزب الله" يتولون مراكز قيادية في المقاومة الإسلامية، وكوادر فلسطينية كان آخرها عملية تفجير عبوة في صيدا في 14 كانون الثاني من العام الماضي، وُضِعَت في سيارة القيادي في حركة "حماس" محمد عمر حمدان الذي نجا باعجوبة.
لم تمر ساعات قليلة، حتى بدأت التقارير الأمنية التي أعدتها الاجهزة الرسمية اللبنانية، سيما التابعة لوزارة الداخلية، عن عملية التفجير ومحاولة الاغتيال، تُوجَّه اصابع الاتهام إلى أجهزة العدو الصهيوني، مستبعدة كل الاحتمالات الأخرى، وقد وصفت حينها أوساط أمنية لبنانية، أن "العملية نفذها محترفون واُعدَّت كي لا ينجو منها المستهدف"، بالرغم من قول وزير الاستخبارات الصهيوني، يسرائيل كاتس، "لو كانت اسرائيل متورطة بالتفجير، لما كان المستهدف لينجو بجروح بسيطة"، وقد تردد أن العبوة الناسفة معدة للانفجار لحظة فتح باب السائق، وهو ما فعله حمدان الذي أصيب بجروح جراء الانفجار، حيث تنبه في اللحظة الأخيرة، وابتعد عن الباب قبيل الانفجار".
مطلع الاسبوع، أعلن الجيش اللبناني عن توقيف المدعو حسين أحمد بتو في منطقة شرحبيل بمدينة صيدا، والذي قام بعمليات الاستطلاع والرصد قبل تنفيذ عملية التفجير، وجاء في المعلومات الأولية أن الموقوف اعترف بارتباطه بجهاز "الموساد" الصهيوني منذ العام 2014، وكان التقى مشغليه خارج لبنان، وتسلم أعتدة وأجهزة إلكترونية خاصة بالرصد والتواصل، وانه كُلِّف مهمة رصد القيادي في "حماس" محمد حمدان اعتباراً من صيف 2017، وأنه قام بتحديد مكان إقامته ورصد جميع تحركاته ونقل المعلومات إلى مشغليه، ليصار إلى تنفيذ عملية التفجير من قبل مجموعة أخرى تم تحديدها بعد عملية التفجير المذكورة.
"جمع شمل" جاسوسين من افراد الشبكة
وبعد أيام اسابيع قليلة على عملية التفجير، تمكن فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي من احضار متورط ثان في العملية من تركيا، بعد أن غادر لبنان في اليوم التالي من العملية، وحصل على اعترافات دقيقة حول تعامله مع الاستخبارات الصهيونية منذ اكثر من خمس سنوات، وتفاصيل العملية واشتراك ضباط صهاينة فيها، وأنه قام بمراقبة مسؤول "حماس" على مدى سبعة اشهر سبقت عملية التنفيذ، بالرغم من نقل مكان إقامته من منزل إلى آخر، فالعميل المُستعاد رسميا من تركيا، تؤكد المعلومات التي تم تداولها في أوساط أأأمنية أنه عنصر أساسي في عملية التفجير، حيث تولى المراقبة القريبة لمسؤول "حماس" المستهدف، بعدما استأجر مستودعاً ووضع فيه بضائع اشتراها من محلات تجارية في صيدا، للتمويه على عمله ووجهة استخدام المستودع "التجارية"!.
ووفق معطيات تحدثت عنها التحقيقات الأولية التي جرت في حينه، فإن أفراد الشبكة الصهيونية التي نفذت العملية، "انتشرت" داخل لبنان وخارجه، لكن التحقيقات والمتابعات استمرت وبوتيرة عالية، بالرغم مما اعترف به المتورط الموقوف، من أنه، وبعد تنفيذ عملية التفجير بتسعة ايام، تلقى أمراً من "الموساد" بمغادرة لبنان، فنفذ الأمر ومكث في الخارج مدة ثلاثة اشهر، ليعود إلى لبنان بناء لطلب "الموساد" الذي زوده بمعدات واجهزة الكترونية مخصصة للمراسلة معه، وقد ضبطها الجيش اللبناني خلال مداهمة منزله، وكان لبنان قد تسلم من السلطات التركية شخصاً أكدت التحقيقات الرسمية التي أجرتها الأجهزة الأمنية اللبنانية، تورطه في عملية التفجير لاغتيال حمدان، وهو أدلى باعترافات تثبت أنه مكلف من قبل استخبارات العدو.
وكانت التقارير الأولية التي تناولت الانفجار تحدثت، وبالاستناد إلى معطيات أمنية توفرت لدى بعض الاجهزة الامنية اللبنانية، عن أن ضابطين صهيونيين شاركا في تنفيذ عملية التفجير، بالاستناد الى تقديرات عن ان "الإسرائيليين" لا يكتفون في مثل هذا النوع من العمليات بعملاء محليين، وربطت اوساط امنية بين عملية التفجير وحركة سفر لمشتبه فيهم غادروا لبنان، اثر العملية، بجوازات سفر جورجية (سيدة)، وسويدية وعراقية.
"السيدة الجورجية"... عاينت السيارة ووضعت العبوة الناسفة
أحد أبرز أفراد الشبكة الصهيونية الموقوف (م.ب)، ووفق المعلومات التي خرجت من اروقة التحقيقات، هو عنصر أساسي في الشبكة، وهو كلفه مشغلوه "الإسرائيليون" مرافقة امرأة إلى بيروت، لزرع العبوة التي الصِقَت في اسفل السيارة لجهة السائق، وحصل ذلك قبل يومين من الانفجار، وقد تناول جيران القيادي في ««حماس» الذي استهدف في الانفجار، أن أحد سكان المبنى حضر من السفر فجراً، وصادف خلال ركن سيارته في موقف المبنى رجلا وسيدة، فتذرع (م) بالعمل في المستودع كحجة لوجوده في المرآب، مستعينا بذكر اسم الناطور ومالك المستودع الذي استأجره منه، ليطمئن الجار على الوضع ويصعد إلى منزله.
ورجحت أوساط ان رواية الجار وتواجده في لحظة وجود (م) والسيدة التي ترافقه، قد تكون سبب تأجيل عملية التفجير إلى ليل السبت ـ الأحد 13/14 كانون الثاني 2018، حيث كان (م) و«مرافقته» الى المكان نفسه، وقامت السيدة بوضع العبوة الناسفة وتغادر مع (م) الى بيروت ومن ثم الى الخارج عبر مطار بيروت إلى قطر ثم الى وجهة غير محددة، وبعد مراقبة دقيقة للسيارة المتوقفة في المرآب، والتي وضعت في أسفلها العبوة الناسفة، حضر «الهدف» وتوجه نحو سيارته، وبحسب تقديرات أمنية، فان نجاة المستهدف من الانفجار، تعود إلى أنه أدار محرك السيارة من النافذة ومن دون الدخول اليها، فيما فجر الجاسوسان العبوة، ظناً منهما أن حمدان أصبح داخل السيارة.
محاولة اغتيال القيادي في حركة "حماس" محمد حمدان، قبل عام، شكلت واحدة من أبرز العمليات الفاشلة التي تخطط لتنفيذها استخبارات العدو، فيما أضاف الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية انجازاً امنياً هاماً، وعلامة مضيئة في مسيرة ملاحقة وكشف شبكات التجسس الصهيونية التي تعمل داخل لبنان، وكانت صيدا ساحة بارزة من ساحات الاستهداف الأمني الصهيوني، ومن ضمن بنك أهداف "الموساد"... لاغتيال قياديي المقاومة.