على هامش الذكرى ال36 لمذبحة صبرا وشاتيلا
نظم مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية وجمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية ندوة سياسية على هامش الذكرى ال36 لمذبحة صبرا وشاتيلا بعنوان "الخان الأحمر .. عنوان للصمود والتحدي" بحضور لفيف من السياسيين والكتاب والباحثين والوجهاء والمخاتير ومهتمين بالشأن السياسي، وتحدث في الندوة اللواء إبراهيم أبو النجا محافظ محافظة غزة، والكاتب والمحلل السياسي توفيق أبو شومر، وذلك في قاعة مركز عبد الله الحوراني بقطاع غزة.
افتتح الندوة الكاتب والباحث ناهض زقوت مدير عام مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق مرحبا بالحضور وبالمتحدثين، وبقراءة الفاتحة على أرواح شهداء مذبحة صبرا وشاتيلا وشهداء فلسطين. وقال: إن القتل ليس بالسيف أو بالرصاص فقط، فمصادرة الأرض وطرد سكانها هو أيضا قتل لروح الإنسان، ومن هنا جاء الربط بين مذبحة صبرا وشاتيلا وهدم الخان الأحمر، فإسرائيل منذ عام 1948 وهي تمعن في قتل البشر والحجر والشجر، وما الخان الأحمر إلا جزء من سلسلة القتل المتواصل.
وأشار زقوت في مداخلة الافتتاح إلى سيرة الخان الأحمر كمكان فلسطيني مهدد بالهدم وطرد سكانه، فقال: الخان الأحمر هي قرية فلسطينية بدوية في محافظة القدس، تقع على بعد 10كم شرقي مدينة القدس، وعلى الطريق الرئيس المؤدي إلى أريحا، وهي من القرى الفلسطينية المحتلة عام 1967، تكتسب القرية أهميتها الإستراتيجية بأنها تربط شمال وجنوب الضفة الغريبة، وهي من المناطق الفلسطينية الوحيدة والمتبقية في منطقة (E1) الاستيطانية، لذلك قررت محكمة العدل العليا للاحتلال الإسرائيلي إخلاء وطرد سكان القرية.
وأضاف متوسعا في دلالات اسم المكان وأهم الآثار التاريخية والدينية الموجودة فيه، وعدد سكان الخان الأحمر البالغ (173) نسمة بواقع (45) عائلة، ومن حيث مساحته فقد بلغت في عام 1945 حوالي 16.380 دونما، ونتيجة المصادرات الإسرائيلية من أراضيه تبلغ الآن 1500كم2، وتشكل أكثر من ربع مساحة الضفة الغربية.
كما ذكر زقوت قرارات الهدم الصادرة من سلطات الاحتلال منذ عام 2000 وما زالت التهديدات مستمرة بحق سكان الخان الأحمر، وسط رفض فلسطيني وعربي لكل الإجراءات العنصرية التي تمارسها إسرائيل بحق سكان وأرض الخان الأحمر.
وتحدث المناضل إبراهيم أبو النجا حول الموقف الفلسطيني من السياسية الإسرائيلية مؤكدا على الرفض التام لهذه السياسة العدوانية تجاه أبناء شعبنا، فإذا تحدثنا عن المجاز فما زالت هذه المجازر متواصلة منذ عام 1948 مرورا بمجازر رفح وجنين وبيت لاهيا، والتي قال عنها الرئيس الشهيد أبو عمار رفح جراد، وجنين جراد، ما مجزرة صبرا وشاتيلا إلا واحدة من هذه المجازر التي ساهمت القوات الإسرائيلية في ارتكابها ضد أبناء شعبنا في لبنان، ونحن لا نريد أن ننكأ الجراح بل نحاول أن نذكر بما حدث لشعبنا، وبما تحمله شعبنا الصابر والمكافح.
وأشار المحافظ أبو النجا إلى خطورة المرحلة التي نمر بها، حيث الإسرائيليون يستهدفون الأرض بالمصادرة والاستيطان، وما يريدونه في الخان الأحمر هو سياسة مقصودة بهدف منع قيام دولة فلسطينية غربي النهر وهذه عقيدة لدى الإسرائيليين، لذلك تعمل على تقطيع أوصال الأرض حتى لا تكون هناك أراضي مترابطة، وان لا تكون هناك قرية فلسطينية واحدة مترابطة. وأضاف إن معركتنا مع الإسرائيليين مفتوحة في المحافل الدولية، ونحن بعد أيام وخلال اجتماع الأمم المتحدة سوف يلقى الأخ الرئيس خطابا يحدد معالم الطريق للقضية الفلسطينية، وأكد أبو النجا أننا نواجه عالما متآمرا على قضيتنا وشعبنا، لذلك عار علينا أن يبقى هذا الانقسام ونتحدث عن تحرير الأرض، وعار علينا أن نتحدث عن التضامن مع الخان الأحمر، ونحن غير متفقين على إصلاح الكهرباء في الشوارع والبيوت، وأضاف علينا أن نعود إلى قراءة واقعنا قراءة صحيحة، وأن نرفع صوتنا عاليا لنقول للعالم نحن شعب واحد احتراما لأسرانا وشهدائنا وجرحانا وأطفالنا، وأننا شعب واحد خلف سيادة الرئيس في معركتنا مع هذا العالم المتآمر على قضيتنا.
ومن جانبه تحدث الكاتب توفيق أبو شومر عن السياسة الاسرائيلية التي تستهدف الأرض الفلسطينية، متسائلا عن منزلة الاستيطان عند الإسرائيليين، حيث قال إن الاستيطان خريطة دينية يهودية بمعنى انه لا يجوز لليهودي الذي هو خارج إسرائيل أن يقول انه يمثل الدين إلا إذا عاد إلى ما يسمى أرض الميعاد، فالاستيطان فريضة دينية بالنسبة لهم. أما الشعار الذي رفعه الإسرائيليون منذ بداية تأسيس دويلتهم يقول أكبر مساحة من الأرض مع أقل عدد من السكان، وما زال هذا الشعار قائما ويتبناه العديد من الأحزاب اليمينية الإسرائيلية.
وأشار الباحث أبو شومر إلى مثال للغطرسة الإسرائيلية والاستيلاء على الأرض الفلسطينية، بقريتي اقرت وكفر برعم، فهاتان القريتان هما للطائفة المسيحية الفلسطينية وقد جرى تحذيرهما عام 1948 أن يخلوا القريتين أسبوعين لضرورات أمنية، ولكن ضرورات الأمن لم تسمح لهما بالعودة، وفي عام 1953 قامت الطائرات الإسرائيلية بتدمير القريتين، والإبقاء على كنيستين وإعلان المنطقة مساحة خضراء طبيعية، وفي عام 1974 التمس سكانها لدى ما يسمى المحكمة العليا وأصدرت أمرا بعودتهم، ولكن السلطات الإسرائيلية رفضت عودتهم، حتى اعنوا في عام 1994 عن إسقاط القضية بالتقادم، وفي عام 1998 قال نتنياهو خشيت أن تكون هاتان القريتان نموذجا للعودة. وأضاف وهذه ليست قصة واحدة بل هناك قصص أخرى ونماذج عديدة وما قصة قرية العراقيب في النقب التي تم تدميرها أكثر من 135 مرة، ويعاد بناؤها بفضل أهلها دون أن تستثير أحد منا، وما قصة الخان الأحمر التي فتحت إلا للتغطية على هذه القضية. وأعود بكم بالذاكرة إلى عام 1996 لنتذكر قضية جبل أبو غنيم، هذا الجبل الذي اختفى الآن وأصبح مستوطنة هارحوماه، ماذا فعلنا نحن؟ نحن نسخن قليلا ثم نبرد في انتظار قضية أخرى.
وأكد الكاتب أبو شومر أن قضية الخان الأحمر هي القبضة الإسرائيلية الموجودة على العنق الفلسطيني التي تحول دون حل الدولتين، فالقضية مطروحة في المخططات الإسرائيلية منذ إنشاء مستوطنة معاليه ادوميم في السبعينيات، ورابين هو الذي أرجأ تدمير القرية، لذلك لا غرابة فيما يحدث اليوم للخان الأحمر، فالسياسة الإسرائيلية متواصلة في تنفيذ مخططاتها الاستيطانية.