في ظل الزمن المقاوم الجميل اتت انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي، وهو اليوم الذي اطلق فيه المقاومون اللبنانيون أولى رصاصاتهم في شوارع بيروت، على الجنود الصهاينة قرب صيدلية بسترس في منطقة الصنائع ومحطة ايوب وكورنيش المزرعة، ثم كرت السبحة، الى ان تمكنت المقاومة من الحاق هزيمة تلو الاخرى بالاحتلال قبل تحرير الجنوب عام 2000، وبعده خلال عدوان 2006.
كانت المقاومة الفلسطينية المولود الطبيعي من رحم المعاناة بعد ان غزت الجحافل الصهيونية ارض فلسطين لتحتلها، وتطورت المقاومة الفلسطينية وتطورت عملياتها العسكرية واستطاعت ان تلحق الاذى بالعدو، وقد قدمت المقاومة خيرة الشهداء في حرب طاحنة ضد العدو، وبفضل هذه المقاومة اعترف العالم بمنظمة التحرير كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، وبفضل هذه المقاومة استطاع رمزها الرئيس الشهيد ياسر عرفات الوقوف على منبر الجمعية العمومية للامم المتحدة عام 1974، مخاطباً رؤساء العالم"جئتكم بغصن الزيتون وبندقية الثائر، فلا تسقطوا الغصن الاخضر من يدي".
تُعتبر تجربة المقاومة الوطنية اللبنانية في لبنان، ومن ضمنها تجربة المقاومة الاسلامية، نموذجاً متطوراً في حرب العصابات والتي أدت الى طرد المحتل الاسرائيلي مهزوماً بعد ان نال نصيبه من الضربات القاسية، وهنا لأ بد من التأكيد بأن المقاومة ولدت من بين ركام بيروت التي دمرها العدو الصهيوني خلال الاجتياح عام 1982، وخروج قوات الثورة الفلسطينية بعد صمود اسطوري للقوات المشتركة اللبنانية الفلسطينية .
من هنا كانت ولادة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي، حيث انخرط فيها معظم القوى اليسارية والقومية ضد الاحتلال، و استجاب الشيوعيون وسائر الوطنيين اللبنانيين والفلسطينيين للنداء الذي اطلقه القادة، فكانت العملية الاولى في ليل 20-21 أيلول/ سبتمبر قرب صيدلية بسترس في محلة الصنائع، ،وبدأت العمليات البطولية تتصاعد وتكبر ككرة الثلج في مختلف احياء بيروت، كما كانت عملية "الويمبي" الشهيرة في شارع الحمراء في بيروت التي نفذها المقاوم خالد علوان احد مقاتلي الحزب السوري القومي الاجتماعي.
وتطور أداء المقاومة بشكل فاعل حيث كان انتصار ايار 2000، وبعدها حرب تموز/ يوليو 2006 محطة مهمة في تاريخ المقاومة التي استطاعت الصمود والتصدي للعدو رغم الدمار الوحشي الذي الحقه بلبنان ورغم عاصفة القتل والموت التي استباحت كل المناطق اللبنانية، ولكن انتصرت المقاومة وخرجت قوات العدو الصهيوني مهزومة من لبنان ، وباتت قوة المقاومة قوة ردع فاعلة لحماية لبنان .
ونحن اليوم امام ذكرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية نرى أن المشاركة الجماهيرية الحاشدة في مسيرات العودة في قطاع غزة والمقاومة الشعبية في الضفة الفلسطينية من كافة ألوان الطيف الفلسطيني حيث تتجلى الروح الإبداعية العالية للشعب الفلسطيني الثائر ، مؤكدا الإصرار على استكمال المسيرة مهما بلغت التضحيات، والتأكيد على أن مسيرة النضال ستبقى الخيار والنهج والسبيل لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني الوطنية ، ومواجهة وإسقاط كل المؤامرات التي تستهدف القضية الفلسطينية.
في ظل هذه الاوضاع نرى أن الشعب الفلسطيني يدشن ملحمة جديدة من ملاحم الصمود والتحدي وخاصة في الخان الاحمر والقدس ، يؤكد فيها قدرته على مواصلة مسيرة النضال رغم كل أشكال المعاناة والحصار والقتل والإرهاب الصهيوني والتواطؤ والعجز العربي والدولي.
امام كل ذلك نقول أن المشروع التصفوي الأمريكي لن يمر لأن الشعب الفلسطيني مازال يمتلك مقومات المواجهة، وهذا يتطلب رفض الحلول التصفوية ، والعمل على تطبيق اتفاقات المصالحة وتعزيز الوخدة الوطنية وحماية منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها الوطني وتجميع كافة القوى وفق القواسم المشتركة، وفي مقدمتها التصدي للمشروع التصفوي الأمريكي.
ختاما : تحية فلسطين لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي شكلت معلم من معالم النضال حيث نعتز بدورها ودعمها ومساندتها للشعب الفلسطيني ، ونحن ننظر لكم ونعول عليكم أن تسعوا لجهة مزيد من الاستنهاض للقوى والأحزاب والقوى اليسارية والديمقراطية من اجل التصدي للقوى الامبريالية والصهيونية والرجعية التي تقف خلفها الادارة الامريكية من اجل تصفية القضية الفلسطينية .
كاتب سياسي